يا ليت قومي يعلمون !!

جاء في الأثر أن ذلك الرجل الصالح الذي ورد ذكره في الآيات المباركات من سورة يس " وَجَآءَ مِنۡ أَقصَا ٱلمَدِينَةِ رَجُلٌ۬ يَسعَىٰ قَالَ يَـٰقَوۡمِ ٱتَّبِعُواْ ٱلمُرۡسَلِينَ (٢٠) كان رجلا سقيما قد أسرع فيه الجذام، وكان كثير الصدقة يتصدق بنصف كسبه مستقيم الفطرة، وقال قتادة أنه كان يتعبد في غار ...
ولما جاء الرسل الثلاثة كان أول ما فعله الرجل الصالح، هو أنه أسرع إلى قومه يدعوهم إلى الإيمان والتوحيد وإلى إتباع الرسل الذين آتوهم ...وتصف الآيات الكريمات مدى لهفة الرجل وعميق حرصه على ما فيه صالح قومه وخير عاقبتهم، مستنكرا كفرهم وعنادهم الشديد..." وَمَا لِىَ لَآ أَعبُدُ ٱلَّذِي فَطَرَنِي وَإِلَيهِ تُرۡجَعُونَ " يا قومي لم تتعجبون من عبادتي وإيماني برب العالمين، وهو من سنعود إليه يوما ما لا محالة، إنما العجب كل العجب فيكم أنتم وفي شدة عنادكم وإصراركم على الكفر ملة ومنهاجا...
ويمضي الرجل المشفق على قومه في حديث آية في البلاغة والإعجاز كأنما جُسد الرجل أمامنا وهو يستحث قومه ويدعوهم بكل ما أُوتي من الحيل على الهداية والإيمان ..." ءَأَتَّخِذُ مِن دُونِهِۦۤ ءَالِهَةً إِن يُرِدۡنِ ٱلرَّحمَـٰنُ بِضُرٍّ۬ لَّا تُغنِ عَنِّى شَفَـٰعَتُهُمۡ شيئاً وَلَا يُنقِذُونِ" لم يترك الرجل في سبيل دعوته حيلة إلا وأتاها تارة بتذكير الناس بأي خلقه عز وجل وجلال صنيعه في مخلوقاته، وتارة بإبداء الدهشة والاستنكار من منطق قومه العجيب في استمراء الكفر والعناد، وتارة ثالثة بالحديث اللين الرقيق "فاسمعون" ...يا أحبتي لا أريد أن أهنأ بنعيم الطاعة والإنابة لخالقي وحدي ...يا ليتكم تسمعون ...أريدكم معي في طريق الحق والصدق...
" قيل ادخل الجنة .. قال يا ليت قومي يعلمون" يقول ابن اسحق فيما بلغه عن ابن عباس: إنه لما لبث الرجل يدعو قومه كثيرا وثبوا عليه وثبة رجل واحد فقتلوه، ولم يكن هناك من أحد يمنع عنه، وقال قتادة : جعلوا يرجمونه بالحجارة وهو يقول : "اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون " فلم يزالوا به حتى أقعصوه وهو يقول كذلك، فقتلوه، ولما جاءته الملائكة تبشره بالجنة قال يا ليت قومي يعلمون !!!.

إنّ الداعية المخلص لدعوته لا ييأس ولا يكل ولا يمل ولا يرجو لنفسه ما لا يرجوه لأهله وقومه وعشيرته ...إنّ الرجل الصالح صاحب الآيات الكريمات لما سمع دعوة الرسل الصادقة لبّاها وصدّقها وآمن بها إيمانا عميقا، ولم يكتف بهذا الإيمان العميق الذي أنار قلبه وعقله وبصيرته ولكن ...لأنه محب لقومه ...غيور عليهم ...مشفق على مآلهم وعاقبتهم فقد سعى بهذا الحق، الذي استقر في يقينه وترسخ في شعوره، إلى قومه المكابرين المعاندين ...وفي مخيلتي صورته وهو" يسعى من أقصى المدينة" ...إنه لم يكتف بمحيطه القريب ولو فعل لما لامه أحد، غير أنه انطلق بدعوته إلى العدوة الأخرى من المدينة ...انطلق بأقصى ما أوتى من قوة ...بلا مال ولا صديق ولا سنيّد ...انطلق بمحرك الإيمان إلى قومه، وهو يرجوهم صادقا أن يدخلوا في حظيرة الإيمان التي سبقهم إليها لكنهم – وككل الكفار المعاندين – لم يمهلوه حتى يتم حديثه المؤثر ...قتلوه وأراقوا دمه ربما خشية أن يتأثر بكلماته الأطفال والصغار وذوو الفطرة النقية السليمة...
وحتى لما اطلع الرجل على ما آتاه الله من فضله من المغفرة والنعيم المقيم لم ينس قومه – الذين قتلوه وأهدروا دمه – وتمنى مخلصا لو كانوا استجابوا لنصحه ونعموا بما نعم به من النعيم المقيم، الذي أفاء الله به عليه جزاءا وفاقا لإيمانه وإخلاصه وشهادته في سبيل الحق وإعلاءه كلمة الله تعالى والجهر بها وسط أشد معارضيها ...وهذا هو الدرس الأعظم الذي ينبغي على الدعاة لدين الله تعالى، والمناضلون في سبيل الحق والرشاد وكل من يسعى جاهدا لإحقاق الحق وإزهاق الباطل ...عليهم أن يعوا هذا الدرس دائما، وأن يعلموا أنما حسابهم على الله تعالى هو مولاهم ونعم النصير ...
لقد أنعم الله تعالى على الرجل الصالح بجنات الفردوس وأهلك قومه - الذين يقال أنهم أهل أنطاكية - بعد أيام معدودات من قتلهم له ...لقد لقي وجه ربه وهو يتمنى لو عرف قومه الحقيقة ...
وما أعظمها من قصص قرآني لقوم يتدبرون !!! .

مشرف عدد الرسائل : 85 تاريخ التسجيل : 26/05/2008

الله عليك ياميدو تسلم ايدك تفسير رائع للايات

وسوره ياسين من اجمل السور

وفي القصه دي القراءن بيضرب اروع الامثله في الاخلاص والايمان

وايضا في الايجابيه فلولا ايجابيه هذا الرجل لما تم زكره في القراءن

فكانت نهايه الايجابيه منزله عظيمه وهي زكره في القرءان ويالها من منزله عظيمه

عندك حق والله يا محمد وده اكبر دليل ان الواحد مش لازم ييئس من رحمة ربنا ومفيش ضراء والا تلاحقها سراء